قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
مجموعة محاضرات ودروس عن الحج
141345 مشاهدة
الفدية

( الفدية )
من فعل محظورا من هذه المحظورات التسعة التي ذكرنا فعليه الفدية، وهي أنواع: فمن أزال أظفاره، أو شعره، أو لبس مخيطا، أو غطى رجل رأسه، أو غطت المرأة وجهها ببرقع أو نقاب أو يديها بقفازين، أو تطيب ففديته: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة مع التوبة إن كان فعل شيئا من هذه المحظورات بدون عذر.
قال الله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ .
إني أذكر قصة للصحابي كعب بن عجرة - رضي الله عنه- قال: وقف عليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالحديبية ورأسي يتهافت قملا، فقال: يؤذيك هوامك؟ قلت: نعم. قال: فاحلق رأسك، قال: فيَّ نزلت هذه الآية: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ إلى آخرها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لكعب صم ثلاثة أيام، أو تصدق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسر .
جزاك الله خيرا.
ومن قتل صيدا فهو مخير بين إخراج المثل يخرجه ويذبحه، ويتصدق به على فقراء الحرم، أو يعرف قيمته، ويخرج بها طعاما يوزعه بين فقراء الحرم، أو يصوم يوما عن طعام كل مسكين.
أما عقد النكاح فلا فدية فيه إلا أنه عقد باطل، ومن باشر دون الفرج، أو كرر النظر، أو استمنى فإن نزل منه مني فعليه بدنة، وإن لم ينزل فعليه شاة، ومن وطئ في الفرج قبل التحلل الأول فسد حجه، وعليه أن يمضي فيه، ويحج من قابل، ويهدي بدنة، ومن وطئ في الفرج بعد التحلل الأول لم يفسد حجه، وعليه شاة يذبحها، ويخرج إلى الحِلّ، ويأتي بعمرة.
ومن لم يجد قيمة دم التمتع، والقران، والفوت، والإحصار، وترك واجب، ووَطْءٍ فإنه يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، فالثلاثة تكون أيام: السادس والسابع والثامن، أو السابع والثامن والتاسع، ويجوز أن يقدم الصيام ليكون بعد إحرامه بالعمرة إن كان متمتعا، أو الحج إن كان قارنا.
ومن أخّر الصيام عن يوم عرفة وجب عليه قضاؤه بعدها، وعليه دم تفويت وقت الصيام، أما صيام السبعة أيام فيكون بعد يوم العيد إذا فرغ من أعمال الحج أو عاد إلى أهله؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ .
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا أن يفقهنا وإياكم في ديننا، وأن يرزقنا حسن أداء العبادة، وأن يرزقنا الإخلاص فيها، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- أخي الكريم، أختي الكريمة لا يسعنا في الختام إلا أن نشكر الملك العلام؛ حيث من علينا بإتمام الكلام على أحكام العمرة والحج، ومحظورات الإحرام، ونسأله سبحانه أن يمن علينا وعليكم بالقبول إنه أعظم مسئول، وأكرم مأمول.